استدار الرجل نحو المكان الذى اتى منه الصوت فرأى شيئا .. فماذا رأى ؟؟

رأى رجلا متوسط القامة .. يرتدى زيا قصيرا وسترة ملتصقة بجسمه وقد نفذ من ورائها ذيل مقوس ويلبس جوربا ابيض .. وقد عجز الجورب الابيض عن اخفاء حافرى شاه رائحتهما كريهة .. وبرز من كمه مخلبان طويلان مقوسان .. وكانت عيناه تلمعان وقد التوى فمه فى ابتسامة خبيثة مخيفة ..

فرح الحكيم بهذا الشىء الذى رآه وجعل يتأمل تلك الشخصية الغريبة وبعد قليل سأله ذلك الشىء الغريب :
ماذا تريد يا هذا ؟ لقد مرت سنوات كثيرة ولم ينادنى فيها احد

فاجاب الحكيم قائلا :
لقد احضرتك لتقوم بخدمتى لا لاقوم بخدمتك

فصاح الشيطان :
هيه ! انى ارى انك ستتعبنى فى معاملتك .. اتعرف مالذى اطلبه منك فى مقابل ذلك ؟؟

قال الحكيم :
هذا سؤال سخيف .. فمادمت قد ناديتك فقد كان ينبغى الا تشك فى انى اعرف شروطك . وانى على استعداد لان اهب لك روحى .

فأجاب الشيطان :
انى اعرف قيمتها .. وسأضع لها الثمن المناسب .

قال الحكيم :
انى اطلب منك طاعة عمياء

اجاب الشيطان :
انا موافق .. وسأستولى عليك جسدا وروحا .. ولن اعطيك برهانا على مقدرتى الا فى اللحظة التى توقع فيها العقد الذى اعددته من قبل .. ذلك لانى احمل دائما مثل هذه العقود

انه شق فى ايهامك الايسر .
ثم نقطة من الدم .
ثم خاتمك .
ثم توقيعك الجميل .
ثم ... تصبح الرجل الاول بين البشر .

قال الحكيم :
لقد امليت على شروطك .. وهاك شروطى :
لن تستولى على الا فى اليوم الذى امل فيه الحياة وارغب فى اغلاق عينى للابد . ولكن لن يكون ذلك قبل ان يتحقق لى ثلاثة مطالب اختارها بنفسى .

فقال الشيطان الماكر :
ان شروطك قاسية .. ومع ذلك فانى اقبلها .. وان كنت لا اعرف كيف يقبل رجل على ان يغادر الدنيا فى الوقت الذى تبتسم له .. وعندما يحرز كل السعادة ؟؟ غير اننى لا اعرف لماذا انا ضعيف امامك .. سأتساهل معك .. ولكن لو صادفتك فى (روما) فى اية لحظة من لحظات حياتك فانى ساختطفك .. ومادامت كل الطرق تؤدى الى (روما) فينبغى عليك ان تتجنب هذه الطرق ..

ووافقه الرجل الحكيم على هذا الشرط ومد له ابهامه الايسر .. فشقه الشيطان وغمس ريشة بومة فى نقطة دم خرجت منه .. ثم قدم الريشة الى الرجل فوقع على العقد .. وبعد ان ختمه الشيطان بخاتم الحكيم ..

قال الحكيم :
اريد ان اكون غنيا وسعيدا !!
اريد ان اعرف الماضى والغيب !!
اريد ان تجمع لى كل الفضة الموجودة فى ارض ايرلندا !!

فاخذه الشيطان على كتفيه وانطلق به سابحا فى الفضاء .. ومرا على بقعة من الارض تحيط بها الصخور .. فقال الحكيم :
اريد ان استقر هنا وان اعيش فى هذه البقعة .. وانى ارى اطلال قصر قديم واريد منك ان تحيى هذا القصر من جديد .. واصبح انا سيد القصر ..

وفى لحظة .. كان القصر الفاخر قائما .. تعج فيه الحياة من خدم واتباع .. واصبح الحكيم سيدا على ذلك القصر

واخذ الحكيم يعيش حياة بهيجة .. كان يرتدى افخر الملابس ويتمتع بلذائذ الحياة .. ويقيم الحفلات والمآدب ويدعو الناس اليها .. واصبحوا يتوددون اليه ويغفرون له ماكان يزاوله من اعمال السحر .. وكانوا يرونه عندما يجتمعون على ضفاف نهر (اسكى) فى قارب يسير بلامجداف وبلاشراع .. وكانوا احيانا يرونه طائرا فى الهواء .. او ممتطيا ظهر ديك ..

ومرت الايام وجاء اليوم الذى مل فيه الحكيم من عيشته .. فعزم على ان يقضى بقية حياته فى كتابة كتاب عظيم .. اطلق عليه اسم (الكتاب الاعظم) .. يخلد فيه عماله

واخذالحكيم يزداد علما .. ويزداد سنا .. ولم يكن يبرح قصره خشية ان تلقى به الصدفة فتؤدى به الى (روما)

ومل الشيطاان الانتظار ..

وفى ذات يوم .. وقفت امام القصر عربة فاخرة يرافقها خادم يمتطى صهوة جواد ودخل على الحكيم وقال له :
سيدى .. ان مولاى على وشك الموت .. وقد ارسلنى اليك ليرجوك ان تزوره وتساعده فى محنته .. لقد زاره كثير من الاطباء البارعين من كل انحاء ايرلندا وانجلترا ونورماندى .. ولكنهم لم يعرفوا مرضه فلم يستطيعوا شفائه .. ومولاى واثق من انه سيجد عندك الشفاء.. فانت الحكيم العظيم ..

وقبل الحكيم الدعوة وركب العربة .. وخيل له وهى تسير به ان الجياد تعدو فى سرعة جنونية وكأنها ذات اجنحة تطير فوق الارض ولاتكاد عجلات المركبة تلمسها .. ثم شاهد على بعد منه ضوءا اتيا من دار .

كانت الدار فندقا .. وعندما اقترب منها مالت العربة على جانبها واخيرا وقفت .. وصاح الخادم :
وامصيبتاه !! لقد كسرت احدى العجلات .. فتفضل سيدى بالنزول واسترح فى الفندق الى ان نصلح العجلة ..

ونزل الحكيم وتبعه الخادم ودخلوا الفندق .. كان الوقت متأخرا والفندق خالى .. وعندما دخل الحكيم الى قاعة الفندق وجدها مزدحمة بالبوم والخفافيش والفئران .. وهنا ادرك الحيلة !!

لقد وقع فى الشرك الذى نصبه له الشيطان

واستدار وتأمل الخادم ..

لقد كان ذلك الخادم هو الشيطان نفسه .. بذيله وحافريه وابتسامته المخيفة !!

يتبع ..

فى الجزء القادم (الاخير) :
وللمرة الاولى شعر الحكيم بالفزع يستولى عليه .. ومع ذلك فانه لم يفقد رباطة جأشه وثبات قلبه .. وقال للشيطان :
انك لن تستطيع ان تستولى على قبل ان تنفذ لى مطالبى الثلاثة كما اتفقنا من قبل .




Leave a Reply.

    site stats

    Ahmed Muhammed

    Now, seeing that I'm just about the only person I know who likes YOU

    Archives

    May 2009
    April 2009

    Categories

    All
    Banady Posts
    Banady Talks
    Ireland
    Ireland Blog
    Ireland Blogs

    RSS Feed